(بيروت) – قالت ثماني منظمات اليوم إن "وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل" اليمنية صعّدت قمعها بحق المنظمات العاملة في كافة أنحاء البلاد، ما يتسبب في مزيد من تقويض الفضاء المدني.
في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، أصدرت الوزارة قرارا بمنع جميع الفاعلين في المجتمع المدني من التعامل مع "مواطنة لحقوق الإنسان"، وهي منظمة يمنية غير حكومية تعمل على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل جميع أطراف النزاع في اليمن.
يأتي هذا القرار ضمن سلسلة إجراءات اتخذتها الحكومة اليمنية والوزارة ذاتها، إلى جانب "المجلس الانتقالي الجنوبي"، لعرقلة عمل منظمات المجتمع المدني في اليمن، بما فيها "نقابة الصحفيين اليمنيين" و"اتحاد نساء اليمن".
القرار، الصادر تحت الرقم المرجعي 1001، يوجه المجالس المحلية ومكاتب الشؤون الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني في المناطق الخاضعة لسلطة الحكومة المعترف بها دوليا إلى الامتناع عن أي تعامل مع منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، والتعامل معها كـ"منظمة غير مرخصة" بموجب القانون اليمني.
وفي توضيحها، ربطت الوزارة الحظر بادعاءات تتعلق بالإرهاب وصلات مزعومة بجماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، ووصفت الحظر بأنه ضروري "لضمان مشروعية وسلامة العمل المدني". بينما عمليا، يستغل هذا القرار خطاب مكافحة الإرهاب والأمن لتجريم التعاون مع واحدة من أبرز منظمات حقوق الإنسان في اليمن، في خطوة تفاقم تقويض الفضاء المتاح لعمل المجتمع المدني.
يعكس هذا القرار نمطا أوسع من القمع الذي تمارسه السلطات اليمنية، بما فيها تلك في الجنوب، بحق المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين. فقد واجهت منظمات في عدن ومحافظات أخرى، خاضعة لسيطرة الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، مضايقات وإغلاقات تعسفية وعقبات إدارية. كما رفضت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تجديد تسجيل عدد من المنظمات، منها منظمة مواطنة واتحاد نساء اليمن ونقابة الصحفيين اليمنيين، خصوصا عندما تُعتبر تلك المنظمات ناشطة على مستوى البلاد ككل. فبحسب مقابلات أجرها "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" عام 2024 مع ست منظمات مجتمع مدني بشأن القيود المفروضة عليها من الحكومة؛ لم تتمكن أي من المنظمات الست من تقديم طلبات إعادة تسجيلها، إذ رفضت الوزارة جميع الطلبات شفهيا.
هذا القرار لا يقوض الدور الحيوي للمجتمع المدني في اليمن فحسب، بل ينتهك أيضا التزامات اليمن في ضمان حرية تكوين الجمعيات وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، بموجب القانون الدولي. كما يتعارض القرار مع قانون الجمعيات والمؤسسات اليمني، الذي ينص في المادة 3 منه على مسئولية السلطات عن "ضمان ممارسة الجمعيات والمؤسسات لأنشطتها بحرية واستقلالية، بما يتماشى مع مسؤولياتها الاجتماعية، وتبسيط الإجراءات وتسهيلها بما يضمن تمكينها من أداء رسالتها على أكمل وجه".
يُفاقم هذا القرار من عزلة ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والانتهاكات المتصلة بقوانين الحرب وأُسرهم، والذين يعتمدون بشكل رئيسي على المنظمات المستقلة للتعبير عن معاناتهم. كما يُشكّل استمرار هذا الحظر سابقة خطيرة، ويوجه رسالة مفادها أن الهجمات المسيسة على منظمات المجتمع المدني يمكن أن تمرّ دون عواقب، ويفتح الباب أمام تعرض المزيد من المنظمات لمثل هذه التهديدات. وبالإضافة إلى الهجمات على الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، تُنذر هذه الإجراءات بإسكات الأصوات المستقلة في اليمن، وتقويض ما تبقى من مساحة للمساءلة والعدالة والدفاع عن حقوق الإنسان.
المنظمات الموقعة أدناه تدعو الحكومة إلى إلغاء هذا القرار فورا، وضمان قدرة جميع منظمات المجتمع المدني على العمل بحرية وأمان. كما تدعو الجهات الدولية، بما في ذلك "الأمم المتحدة" والحكومات المانحة، إلى الضغط على جميع الأطراف في اليمن لوضع حد لملاحقات المدافعين عن حقوق الإنسان، وضمان الحماية الكاملة للمجتمع المدني اليمني.
المنظمات الموقعة:
- آيفكس
- رصد لحقوق الإنسان
- الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
- مركز الخليج لحقوق الإنسان
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيبفي إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
- منظمة سام للحقوق والحريات
- هيومن رايتس ووتش